سعيد بن زيد رضي الله عنه
نسبه: هو سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبدالعزى بن العدوي ، أمه فاطمة بنت بعجة بن مليح الخزاعية .. كانت من السابقين إلى الإسلام .
فضائله:1- كان سعيد من أوائل من أسلم .. فقد أسلم قبل دخول رسول الله صلى الله عليه و سلم دار الأرقم وهاجر وشهد أحدا والمشاهد بعدها .. ولم يكن بالمدينة زمان بدر ، فلذلك لم يشهدها .. ومع ذلك فقد ضرب له رسول الله صلى الله عليه و سلم بسهمه يوم بدر .. حيث كان بالشام.
2- وكان إسلامه قبل عمر وأسلم عمر في بيته .. فسعيد زوج فاطمة أخت عمر . يقول أبونعيم في الحلية : رغب عن الولاية وتشمر في الرعاية ! قمع نفسه وأخفى عن المنافسة في الدنيا شخصه ! وبلغة العصر نقول :
هو جندي مجهول ! ومع هذا فقد كان أبوه "عمرو بن نفيل" ممن اعتزلوا الأصنام قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه و سلم .
لقد أعلنها صريحة مدوية في قريش : يامعشر قريش : "ما منكم اليوم أحد غيري على دين إبراهيم". قال لصاحب له اسمه عامر : "إنني انتظر نبيا من إسماعيل يبعث ولا أراني أدركه وأنا أؤمن به وأصدقه ، وأشهد أنه نبي ، فإن طالت بك مدة فرأيته فأقرئه مني السلام". وقد وافاه الأجل وقريش تبني الكعبة من جديد قبل بعثة الرسول صلى الله عليه و سلم.
ذلكم هو والد سعيد .. ذلك الذي ترك لقريش أصنامها وخمرها ولهوها وراح يعبد الله على دين إبراهيم .. ويكفي أن نذكر لك أنه كان يحول دون وأد البنات فإذا رأى من يريد أن يقتل ابنته قال له :
"لا تقتلها وأنا أكفيك مئونتها" فيأخذها ويرعاها حتى تكبر وعندئذ يقول لأبيها " أن شئت دفعتها إليك وإن شئت كفيتك مئونتها" رواه البخاري.
ولقد جاء في أسباب النزول ما أخرجه الواحد وأبو الفرج أن الآية الشريفة من سورة الزمر التي تقول :
"والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى فبشر عباد. الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب". سورة الزمر أية 17 – 18 .
3- نزلت في ثلاثة نفر كانوا في الجاهلية يوحدون الله عز وجل وهم:
1- زيد بن عمرو بن نفيل
2- وأبو ذر الغفاري
3- وسلمان الفارسي أولئك الذين هداهم الله بغير كتاب ولا نبي !
هذا هو والد سعيد .. عرف ربه وملآ الإيمان قلبه .. فإذا شابه سعيد أباه وهداه الله .. وامتدت إلى النبي يداه وبشره النبي صلى الله عليه و سلم بالجنة فهل يكون ذلك عجيبا ؟
لقد كان سعيد من أوائل من أسلموا يوم أن كان المسلمون يختفون في دار الأرقم بن أبي الأرقم .. أن الكثير من الناس لا يعرفون أنه زوج أخت عمر بن الخطاب .. وأن عمر ابن عم أبيه ..
وأن سعيداً وزوجته كانا السبب المباشر في إسلام عمر. ولم يكن ممن يخاف في الله لومة لائم وكان مجاب الدعوة سبق إلى الإسلام قبل عمر ابن الخطاب رضي الله عنهما .
فكيف تم إسلام عمر على يديه ؟ وكيف تسرب نور الإسلام منه إليه ؟ أليس من حق سعيد علينا أن نتذكر مواقفه ؟ وكيف لا وقد كان بيته منارة هادية ؟ 4- ولكونه أهلا للثقة وقع اختيار الرسول صلى الله عليه و سلم عليه ليقوم بمهمة حربية تتعلق بأمن الجيش الإسلامي وسلامته !!
· لقد أرسله النبي صلى الله عليه و سلم للتجسس على قريش في طريق الشام ، لأن الرسول صلى الله عليه و سلم كان يخطط لغزوة بدر وهو لا يريد أن يتخذ القرار إلا بعد أن تتضح لديه الرؤية كاملة ..
· أن غزوة بدر من الغزوات المصيرية باعتبارها أول لقاء بين الكفر والإيمان ! والرسول لا يريد أن يؤخذ على غرة فيحدث له ولجيشه – لا قدر الله – ما لاتحمد عقباه !
· ويكون رفيق سعيد في تلك المهمة أخوه في الله "طلحة بين عبيد الله" وتدور المعركة في غيابهما .. ويتم النصر .. ويعتبرهما النبي حاضرين في المعركة ..
· ألم يقوما بمهمة عظيمة بما كان يبعثان به من أخبار أفادت جيش المسلمين وعجلت لهم النصر؟ صحيح أنه لم يظهر في الصورة ولم تسلط عليه الاضواء بل كان دائما بعيدا عن الأضواء ! فهكذا أراد لنفسه ، وهكذا شاء ! وصدق الحافظ أبونعيم حيث يقول عنه في الحلية :
"قمع نفسه وأخفى عن المنافسة في الدنيا شخصه". 5- لكن الرسول صلى الله عليه و سلم عرف له قدره
فبشره مع العشرة المبشرين بالجنة .. ويصبح سعيد من الخالدين ! كان للولاية قاليا (كارها) وفي مراتب الدنيا وانيا (زاهدا لايسعى إليها ولا يطلبها) نعم فمكانه في حياة الرسول صلى الله عليه و سلم كان دائما خلفه في السلم وأمامه في حروبه كلها بدءا من غزوة أحد.
6- لم يفكر يوما في ولاية أو رئاسة كل همه أن يكون في ميادين القتال ولعلك تعجب أنه عندما وقع عليه الاختيار ليتولى منصبا من مناصب الدولة طلب أن يحمل المسئولية غيره ليتفرغ للقتال فذلك ميدانه. لقد رفض أن يكون واليا لدمشق لأنه يريد أن يرزقه الله الشهادة في سبيله .. ولهذا نراه يكتب إلى أبي عبيدة بن الجراح طالبا إليه إعفاءه من منصبه .ظل سعيد الجندي المحارب حتى بلغ بضعة وسبعين عاما وعند ذلك آثر القرب من مسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي فيه جميع أوقاته ويستعيد ذكريات مضت في صحبة النبي الكريم. كان أهل المدينة يرون فيه نبلا وسموا وقد كان نبيلا حقا يظفر من الجميع بمنزل حب واحترام . وكان سعيد بن زيد مجاب الدعوة. ادعت "أروى بنت أوس" أنه ظلمها وجار على أرضها وشكته إلى مروان بن الحكم أمير المدينة. قال سعيد : أترونني ظلمتها وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : "من ظلم شبرا من أرض طوقه الله يوم القيامة من سبع أرضين" .. ثم اتجه إلى السماء وقال : "اللهم أن كانت كاذبة فلا تمتها حتى تعمي بصرها وتجعل قبرها في بئرها". وقد كانت المرأة ظالمة حقا فاستجاب الله دعاء سعيد فلم تمت حتى ذهب بصرها ووقعت في بئر دارها فكان قبرها"! (رواه ابونعمي في الحلية).